قوانين وشروط واداب الحوار الجاد

إبداعات ومن مواضيع تفتح باباً للنقاش الهادف البناء .
وأنا اليوم أضع بين أيديكم هذا الطرح المتواضع عله يلقى استحسانكم ويحقق الفائدة المرجوة .....

1- الانفتاح والمرونة : افتح قلبك وعقلك للمناقشة ، ولا تحمل الكلمات محمل السوء ، فالحقد والبغضاء أبواب موصدة وأقفال صدئة لا تفتح عقلاً ولا قلباً ولا أذناً ..

2- التركيز على نقاط الاتفاق : الحوارات التي تبدأ بمناقشة نقاط الاختلاف والتوتر حوارات كتبت على نفسها الفشل سلفاً فابحث عن نقاط الالتقاء لتمهد الطريق لحوار موضوعي هادف .. وحتى يكون قبول لما لا تتوافقان عليه أكثر . .

3- الرغبة في الوصول إلى الحق : كن صادقا .. لا تذكر شيئا كاذبا و لتكن الحقيقة غايتك من الحوار ، فما عداها لا يمكن اعتباره حواراً جاداً ونافعاً ، لأن التفكير في الوصول إلى الغلبة يلقي بصاحبه في لجاجة الجدل العقيم...

4- كن شجاعا: اذا لم يعجبك عمل ما، حاول طرح آرائك على صفحة نقاش الموضوع ، و إذا تشمت فيك من يخاطبك فاستغل ذلك في صالحك .. ففي الحوار ليس هناك حاكم ومحكوم، أو قاضٍ ومتهم ..

5- تعلم آداب النقد ..كي تصل إلى غايتك :النقد هو حالة تقويم .. حالة وزن بالقسطاس المستقيم ، وكلّما كنت دقيقاً في نقدك ، بلا جور ولا انحياز ولا تعصب ولا افراط ولا تجاوز ، كنت أقرب إلى العدل والانصاف ، وبالتالي أقرب إلى التقوى ، قل في منقودك ما له وما عليه .. قل ما تراه فيه بحق ولا تتعدّ ذلك ..

6- التروي وعدم الاستعجال :عدم إصدار الكلام إلا بعد التفكر والتأمل في مضمونه ، وما يترتب عليه ، والنتائج التي تعود عليك من ورائه ...

7- لا تيأس من قبول مخالفك للحق‏:‏ لا تكن عجولاً متبرماً غضوباً إلى اتهام مخالفك الذي لم يقبل ما تدلي به من حجة ، وإن كنت على يقين مما عندك، ولا تيأس أن يعود مخالفك إلى الحق يوماً ، ولربما خالفك مخالف الآن ثم يعود بعد مدة إلى الحق فلا تعجل‏.‏

8- احترام الرأي الآخر :فرق في المناقشة بين الفكرة وصاحبها .. تناقش الفكرة وقد تضرب الفكرة ولكن الشخص حاول أن تكون معه شيئا آخر ..لأن ذلك يخلق حالة من الانفتاح على الأفكار المطروحة للنقاش ، واعلم أن احترام الرأي غير احترام الشخص ، فقد تحاور إنساناً ضالاًّ وقد تحترم بعض آرائه ، أي أنّك لا تستخفّ بها فتجعله يسخّف آراءك أيضاً ، لكنّ الاحترام في الحوار هو جزء من أدب الحوار ولا يعني تبنّي واعتناق تلك الأفكار .

9- الحكمة والموعظة الحسنة :
استعمال الصبر والرفق والمداراة، واحتمال الأذى ومقابلة السيئة بالحسنة ، وحسن الخطاب وعدم استفزاز وازدراء الغير، فالحوار غير الجدال ، واحترام أراء الآخرين أمر مطلوب ، وعليك بحسن البيان فإن من البيان لسحرا .. فقد تأسر شخصا ما بإسلوبك وبطريقتك وبفوائدك ما لا يأسره ما تذكره من الحقائق ..

10- اغفر و انسى: لسنا أناس معصومين عن الخطأ، كلنا نخطئ، لذا اغفر للناس الذين رأيت أنهم أرادوا السوء فيك عند دخولك لنقاش معهم حول موضوع معين ، وكن مستعدا لدفن الماضي و فتح صفحة جديدة مع الآخرين. ليس كل ما تفهمه أنت هو المراد توصيله لك، قد يكون سوء تفاهم.

11- الاعتذار : كن مستعدا للاعتذار عند ارتكابك لخطأ ما، الاعتراف بالحق فضيلة كما يقال ، و تعلم من أخطائك .. لا يمنعك اعتزازك بنفسك أن ترى أخطائك وتتعلم منها .

12- حدد مصطلحاتك واعرف جيداً مصطلحات مخالفك‏:‏كثيراً ما يتجادل اثنان ويختلف قوم ولا يكون سبب خلافهم إلا أنهم يستعملون كلمات ومصطلحات كل منهم يفهمها بمعنى يختلف عما يفهمها الآخر ‏، من أجل ذلك يجب عليك أن تحدد معاني كلماتك التي قد يفهمها مخالفك على صورة أخرى ، وكذلك المصطلحات التي تستعملها ، وأسأل مخالفك عن معاني كلماته ، ومصطلحاته حتى تعرف مراده من كلامه ‏.‏

13- الموازنة في القضايا : يقوم البعض بالتضخيم لبعض القضايا أكبر من الحد المطلوب وترى أن بعضها الآخر المساوي لها لا يعيره اهتماما .. تعلم كيف تقيس القضايا بميزان الشرع وميزان الحاجة في الواقع ..

14- تعلم من نقاشاتك السابقة : تعلم ما هي الوسائل التي كان لها تأثير إيجابي في مناقشك .. وما هي الأمور التي تجعل من مناقشك لا ينتفع من معلوماتك ..

15- راجع كتاباتك قبل إنزالها :راجع الأخطاء الإملائية فكم من خطأ إملائي يغير المعنى .. راجع الأسلوب فما تكتبه وهو مفهوم لديك قد لا يكون مفهوما للقارئ .. اكتب لمن لا يفهم ثم اقرأها وكأنك لست الذي كتبتها .. ستجد عدم وضوح في فقرات وسقط وخلل ، عدل الكلمات قبل الإرسال ...

16- سلاسة الاسلوب :اجعل أسلوبك سهلا للقراءة .. اختصر العبارات .. استخدم أسلوبا محببا لنفوس القراء .. نبه خصمك إلى خطورة بعض الألفاظ التي يستخدمها .. أو خطورة بعض الأفكار التي يعملها .. فمثلا لا يعرف كثير من الناس حكم الاستهزاء بأمور الدين أو بالمتدينين .

17- الموضوعية :عدم إدخال الأحاديث بعضها ببعض ، والتحرّر من المؤثرات الجانبية التي تبعدك عن طريق الوصول إلى الحقيقة ، والابتداء من نقطة الصفر وتناسي الخلفيات ، وذلك بالتركِيز على الأساسيات وعدم الدخول في التفاصيل فتضيع في دهاليزها ، لأنّ الخوض في الجزئيات والثانويات والفرعيات يفقدك جوهر الموضوع ولا يؤدي إلى نتيجة .

18- السلامة من التناقض:
من الواجب على المناقش ان لا يناقض كلامه بعضه بعضا ، لان بعض الناس – لقلة بصيرته- ياتي بكلام ينقض بعضه بعضا وهذا الأمر يضعف موقفه ويقف ضده .

19- فهم نفسية الطرف الآخر :حاول أن تنظر في كلام المناقش وتتعرف من أسلوبه ومن خلال تمعنك في أفكاره تعلم أفضل طرق البداية في مناقشته .. وحاول معرفة مستواه العلمي ، وقدراته الفكرية سواء كان فردا أو مجموعة ، لتخاطبهم بحسب ما يفهمون.

20- الإنصاف :استخدم ظن الخير بالمسلم ، وأنزل الآخر منزلة نفسك في الموقف ، اعترف بصوابه فيما أصاب فيه والحق ضالة المؤمن ، و إذا انتهى فأنقد الخطاء بطريقة علمية بعيدة عن العواطف .

21- الاخلاص والتجرد من التعصب : إن المتعصب أعمى، لا يعرف أعلى الوادي من أسفله، ولا يستطيع أن يميز الحق من الباطل، وقد يتحول المتعصب بنفس الحرارة ونفس القوة من محب إلى مبغض فلا تصر على رأيك ربما تكون مخطئاً واعلم أنك لا تخاطب هذا الشخص بذاته ولكنك تخاطب كثيرا من القراء .. فلا تستخدم أسلوبا ينفر القراء منك بسبب أنك تستهدف ذلك الشخص فقط .. انتبه إن لك قراء كثيرون ومختلفي المشارب أحذر أن تغيظهم فينفروا منك بسبب عدم تقدير قراء المقالات.

22- لا تتكلم بدون علم :
تعلم أن تقول لا أعلم إذا لم تكن تعلم ..إذا لم تعرف شيئا لا يمنعك ذلك من طلب الطرف الآخر في تعليمك إياه .. أو البحث عنه .. فهذا مما يديم الألفة وينزع ما يقع في قلب مناقشك العصبية الشخصية ..

23- الدليل والحجة :ادعم رأيك بالأدلة الشرعية .. والأبيات الشعرية والحكم ، ادعم كلامك بأدلة علمية أو أبحاث أو إحصائيات أو كلام متخصصين أو غيرها مما تراه مناسبا في التأثير على المقابل .

24- البعد عن التعميم الجائر :بعض مثيري النقاشات، بل كثير منهم، لا يلتزمون الدقة عند اتهامهم للآخرين، فليلجؤون إلى التعميم دون التخصيص، وإلى الإطلاق دون التقييد، فتزل ألسنتهم وأقدامهم في ظلم الآخرين.

25- البعد عن التفكير السطحي :الذي لا يغوص في أعماق المشكلات، ولا يدرك أثر العلاقات ببعضها، ولا يستوعب تأثير المتغيرات، بل يتوقف عند الأسباب الظاهرة للمشكلة، التي غالبًا ما تكون أعراضًا للمشكلات وليست جواهرها ..


التنسيق :
يمكنك استخدام الألوان والتنسيقات لإظهار بعض الكلمات المهمة والأفكار الأساسية

أدب النقاش : اللياقة، واحترام الحوار،واستخدام اللغة المهذبة واللغة اللينة الرقيقة ، جعل لمخالفك فرصة مكافئة لفرصتك‏ ، البعد عن التنطع في الكلام ، والإعجاب بالنفس ، وحب الظهور ولفت أنظار الآخرين.

كيف تفوز بتأييد مناقشك :الدعاء له و شكره إذا جاء بفكرة جيدة لا تعرفها .. أو تعرفها ولكنها جيدة فعلا وتوافقه عليها ، اذكر اسمه بين الفينة والأخرى بشكل فيه التقدير ..فهو سبب لزيادة الألفة ..

عند الانتهاء من المناقشة مع من تختلف معه يجب أن يكون انتهاؤك عن قلب صاف .. أكثر من التقدير عند إنهاء المناقشات حتى يستمر الوئام .

التسليم بالنتائج :على المغلوب ان يسلم للغالب .
قال صلى الله عليه وسلم ( أنا زعيم بيت في ربض الجنة ، لمن ترك المراء وإن كان محقا ، وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب ، وإن كان مازحا ، وبيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه )

عوائق النقاش كثيرة ومنها :
المراء المذموم واللجاجة في الجدل، ومحاولة الانتصار للنفس ولو على ذبح الحقيقة ، التسرع في إصدار الأحكام ، الخوف، الخجل، المجاملة، الثرثرة، الإطناب، اللف والدوران، التقعر، استخدام المصطلحات غير المفهومة مثل الإنجليزية، أو الفرنسية أو غيرها أمام محاور لا يفهم معانيها ، التعصب، إظهار النفس، وعدم الرغبة في إظهار الحق.

للمناقش صفات أهمها :
1ـ علمه بما يناقش.2ـ قدرته على التعبير.3ـ حلمه وسعة صدره.4ـ سرعة البديهة، واستحضار الشواهد، والذكاء، ويجمعها [الحكمة] العلم والفهم والتعبير.



و أخيراً :
إن حسن توصيل الفكرة بأدب وذوق وبكلمات سلسة وبرغبة في النقاش يرتبط بالثقافة ويرتبط بالأدب ويرتبط بالقيم ويرتبط بالتدريب ، وبذلك يبقى الود والألفة ويقود الى التغيير بسهولة ويسر ورضا ، وفي هذا الموضوع معالم لمحبي النقاش وطالبيه, يمكن للعقلاء أن يجعلوا من النقاش سبباً للتكامل والتعاون فيما فيه مصلحة الخير والحق.ولا بد من إحياء روح التسامح ، وبث روح الأخوة والمودة .
إني آمل أن يدرك الجميع معنى النقاش وأن يتخذوا من القرآن العظيم والسنة نبراساً لجمع كلمتهم ووحدتهم، وأختم كلمتي بأني أتطلع إلى أن تتواجد في المنتدى أقلام مبدعة وأفكار نيرة ومواضيع هادفه تناقش بأسلوب حضاري و أسال الله أن ينفع بها